أرشيف الأخبار

المرأة تقود مستقبل صناعة السيارات

يناير 01 , 2022

news

بقلم بيرنا أكينسي، مدير التسويق في "بريجستون الشرق الأوسط وأفريقيا"

بالرغم من ارتباط صناعة السيارات والقطاع بأكمله بالرجال لفترة طويلة، إلا أن تطور المجتمع أظهر وجود عدد متزايد من النساء القادرات على القيام بأدوار مؤثرة في مختلف الصناعات، بما في ذلك صناعة السيارات. ونلاحظ اليوم بأن الكفاءات النسائية باتت تشغل وظائف كانت سابقاً حكراً على الرجال فقط، ومنها المناصب القيادية في مجالس الإدارة في مختلف أنحاء العالم.

ومما لا شك فيه بأن هذه التغييرات محط ترحيب، ولكن هناك فرص هائلة لا تزال متاحة أمام المرأة لإظهار تفوقها في صناعة السيارات. ويمكن القول بأن الوقت مناسب الآن للمرأة كي تضطلع بأدوار رئيسية، وتتولى القيادة وإحداث التأثير المرتقب على المجتمعات. ومع ذلك، من المهم التريث قليلاً لتقييم التغييرات في القطاع واستهداف مجالات لا تزال بحاجة إلى مزيد من التطوير، حتى يساعد ذلك في مواكبة الجهود العالمية المبذولة لتقليص الفجوة بين الجنسين وتمكين القوى العاملة من النساء.

لقد اتخذنا خطوة نحو تمكين المرأة في القطاع، تمثلت في التدقيق بكيفية توزيع أجور الجنسين في هذا القطاع الذي يهيمن عليه الرجال تقليدياً، لنكتشف أن عدداً متزايداً من النساء يعملن في مجال السيارات. إلا أن بعض المجالات مثل خطوط الإنتاج لا تزال نسبة النساء فيها متدنية، ما يؤثر على فجوة الأجور بين الجنسين بصورة إجمالية.

وفي كثير من الأحيان، لا تتعلق القضية بالتمييز بل بالمهارات والأهلية للقيادة. لأنه في هذا السياق، تكتسب العديد من النساء الفنيات في صناعة السيارات ميزة في الحصول على أجر أعلى من الرجال بسبب قدراتهن الخاصة على التفوق في صناعة يهيمن عليها الرجال إلى حد كبير. وغالباً ما يؤدي هذا الدافع إلى زيادة الإنتاجية ومنح الترقيات في صفوف النساء وفي النهاية زيادة أجورهن.

لذلك ينبغي أن تكون أي زيادة في الراتب مرتبطة بالأداء، بغض النظر عن الجنس، لضمان العدالة، حيث تبرز حاجة أرباب العمل إلى السعي نحو المساواة بين الجنسين مع مكافأة الجهود والقدرات. ويتوجب أن يتركز الاهتمام بصورة كبيرة على كيفية إحداث المزيد من التوازن بين الجنسين في جميع مجالات صناعة السيارات وعمليات الإنتاج.

وتمثل التكنولوجيا حالياً عاملاً إضافياً يمكن أن يدعم تمكين "التنوع الفعلي" في مكان العمل، وتلعب أيضاً دوراً رئيسياً في تزايد عدد النساء في صناعة السيارات. فالتكنولوجيا توفر فرصة مثالية لتحقيق تكافؤ الفرص. ومع التحول الكبير الحاصل في مفهوم السيارة من كونها مجرد أداة للنقل إلى أداة استهلاكية مبنية على مفهوم الخدمة، يمكن للمرأة سد فجوة كبيرة في نقص المهارات بالنظر إلى خبراتها وقدراتها ومهاراتها. كما أن التكنولوجيا، بفضل المرونة التي توفرها، تمنح النساء أيضاً الفرصة لمواصلة العمل في مجالات أخرى مثل العمل من المنزل أو تشغيل الآلات عن بُعد أو المشاركة في تنفيذ المشاريع.

وبالمقابل، وضع قطاع صناعة السيارات نظرة إلى النساء على أنهن قائدات وخبيرات تقنيات قادرات على تغيير الصور النمطية للجنسين. وبالفعل، فقد تحسنت الأوضاع، ولم تعد منافع تكامل التكنولوجيا تقتصر على منح قيمة مضافة للموظفات فقط، بل مهدت الطريق لزيادة الوظائف، وبالتالي المزيد من الفرص للجميع. كما أن الاحتفاظ بالموظفات وجذب المزيد من النساء للمساهمة في دفع عجلة النمو بات يمثل أحد التحديات الرئيسية في صناعة السيارات. ومن هنا يبرز الدور المحوري للقادة والمديرين التنفيذيين في تحقيق النمو من خلال تبني وتعزيز أهمية التنوع والشمول في القطاع، انطلاقاً من مسؤولياتهم وإمكاناتهم وقدراتهم. وعلى سبيل المثال، يجب أن يتماشى تكوين مجلس الإدارة وتخطيط التعاقب الوظيفي وآليات التوظيف مع مبادئ وأهداف تخلق بيئة عمل جذابة للموظفات.

قد تواجه شركات السيارات تهديداً بفقدان مزايا تنافسية حيوية، إذا لم تكن سباقة في إيجاد وتعزيز مكان عمل جذاب يفضي إلى المساواة بين الجنسين. ويجب على المسؤولين في صناعة السيارات تطوير مفهوم شامل بحيث ترتفع جاذبية القطاع لدى المرأة، ومن ثم استكشاف الفرص التي يمكن أن تستقطب الموظفات. ويسهم تشجيع النساء بصورة مبكرة عموماً على السعي وراء تحقيق طموحاتهن المهنية في هذا القطاع إلى حدّ كبير في توفير المزيد من الأسباب الوجيهة للبقاء في الشركة. لذلك يتوجب على المسؤولين استكشاف أساليب ناجعة لتشجيع النساء على الانخراط في صناعة السيارات من خلال إزالة عوامل التمييز التي تثنيهن عن الانضمام إلى القطاع، مثل ضمان تحقيق التوازن بين العمل والحياة وتقديم البرامج الإرشادية أو الرعاية لمساعدتهن في دفع مسار النمو الوظيفي.

ومع أن قطاع السيارات بعيد كل البعد عن الكمال مثله مثل كافة القطاعات الأخرى، إلا أن العدد المتزايد من النساء في هذه الصناعة يعتبر بمثابة نقطة مرجعية أساسية ترسي معياراً جديداً أمام الكثير من الصناعات لتوفير المزيد من الفرص الوظيفية أمام النساء. ويبدأ كل شيء بالاعتراف بالتنوع واحترامه، وقبول الأفكار من وجهات نظر مختلفة، بالإضافة إلى تأسيس نظام يتيح للموظفين أداء واجباتهم وإثبات قدراتهم براحة مطلقة.

وبفضل هذه السياسات وحدها، يمكننا أن نتوقع ونرى المزيد من النساء يشغلن مناصب قيادية ويساهمن في نمو صناعة السيارات، وتوجيهها نحو مستقبل أكثر تطوراً واستدامة ومساواة بين الجنسين.

عودة إلى جميع الأخبار